انفجار بيروتقصة النجاة الألمانية التي أصبحت جزءاً من النسيج اللبناني
2025-10-23 04:32:17
في الرابع من الشهر الماضي، غادر الموظفون عملهم في الخامسة مساءً، وهي لحظة عادية تحولت إلى هدية من القدر للألماني ثيو بوكير، المدرب السابق للمنتخب اللبناني. فبعد ساعة واحدة فقط من مغادرتهم، انفجر مرفأ بيروت بالقرب من أكاديمية كرة القدم التي يديرها، محدثاً دماراً هائلاً أودى بحياة أكثر من 190 شخصاً وأصاب الآلاف.
بوكير (72 عاماً) الذي كان في ألمانيا أثناء الكارثة، يتذكر الصدمة التي شعر بها عند سماع الخبر: “كل شيء دمر، لم يبق شيء. لو كان الموظفون موجودين لما نجا أحد”. يهز رأسه مستذكراً: “من الجنون التفكير في عدد المرات التي مشيت فيها في شوارع المرفأ”.
قصة بوكير مع لبنان بدأت قبل 20 عاماً، عندما انتقل للعيش هناك وعمل مدرباً لأندية الدرجة الأولى ومنتخب لبنان. جاء من مسيرة رياضية مميزة في ألمانيا، حيث لعب في بوروسيا دورتموند وشالكه، مشهوراً بلياقته البدنية المخيفة للخصوم.
لكن حياة بوكير في لبنان لم تكن مجرد مغامرة رياضية. لقد أصبح جزءاً من النسيج الاجتماعي للبلاد، حيث تزوج من لبنانية وبنى له منزلاً يطل على البحر. يقول بوكير: “أنا مواطن عربي أكثر من ألماني”، مضيفاً أن زياراته لألمانيا تقتصر على أسبوعين فقط خلال أعياد الميلاد.
اليوم، يواجه بوكير تحديات كبيرة مع أكاديميته “أتلتيكو إس سي” التي أسسها لتطوير المواهب المحلية. الأزمة الاقتصادية وجائحة كورونا وانفجار المرفأ تسببت في تراجع العملة اللبنانية وفرض قيود على السحب بالدولار. رحل خمسة مدربين فرنسيين بسبب عدم قدرتهم على صرف رواتبهم، كما توقف 1200 لاعب عن الحضور بسبب الجائحة أو عدم القدرة على دفع الرسوم الشهرية البالغة 150 دولاراً.
رغم كل هذه التحديات، يبقى بوكير متفائلاً ومصمماً على الاستمرار. يجلس في منزله المطل على البحر، يمارس رياضة الغولف، ويواصل عمله مع الشباب في الملعب. “كرة القدم هي كل شيء بالنسبة لي”، يقول الرجل الذي اختار لبنان وطناً، والذي يشعر بالامتنان لأن موظفيه غادروا باكراً في ذلك اليوم المشؤوم. قصة بوكير هي قصة صمود وإصرار، قصة رجل وجد في الأزمة فرصة ليكون جزءاً من حل،而不是 الهروب.